تمتلك الولايات المتحدة تاريخًا طويلاً من الهجرة، حيث وصل الأفراد من مختلف أنحاء العالم بحثًا عن حياة أفضل وفرص جديدة. بدأت موجات الهجرة في العصور الوسطى واستمرت عبر القرون، وشهدت ذروة الهجرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. تاريخ الهجرة إلى الولايات المتحدة يمتد عبر فترات طويلة. إليك نظرة عامة:
تاريخ الهجرة إلى الولايات المتحدة:
تمتلك الولايات المتحدة تاريخًا طويلًا ومعقدًا من الهجرة، حيث استقبلت الأفراد من مختلف أنحاء العالم بحثًا عن فرص جديدة وحياة أفضل. بدأت موجات الهجرة الكبرى خلال الفترة الاستعمارية، مع وصول الأوروبيين إلى أمريكا الشمالية في القرن السابع عشر، واستمرت عبر العصور المختلفة، مما أدى إلى تنوع كبير في تركيبة السكان. في البداية، كان الدافع الرئيسي للهجرة يتمثل في البحث عن الحرية الدينية والفرص الاقتصادية، إلا أن أسباب الهجرة توسعت فيما بعد لتشمل الهروب من الأوضاع السياسية والصراعات في البلدان الأصلية.
شهدت أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين زيادة كبيرة في عدد المهاجرين، خاصة من أوروبا الشرقية والجنوبية، بما في ذلك إيطاليا وأيرلندا وألمانيا. وفي العقود الأخيرة، تحولت أنماط الهجرة بشكل كبير نتيجة للتغيرات في السياسات والقوانين الأمريكية، مثل قانون الهجرة والجنسية لعام 1965، الذي أعاد تنظيم أولويات الهجرة على أساس المهارات والعلاقات العائلية بدلاً من الأصل القومي، مما أدى إلى زيادة في الهجرة من أمريكا اللاتينية وآسيا.
الحقائق الرئيسية عن الهجرة إلى أمريكا:
تمثل الهجرة جزءًا هامًا من التركيبة السكانية في الولايات المتحدة. حيث يعيش في الولايات المتحدة اليوم أكثر من 43 مليون شخص من المواليد الأجانب، وهو ما يمثل حوالي 13.5% من مجموع السكان. رغم أن هذه النسبة لا تزال أقل من تلك التي كانت في عام 1890، عندما كانت نسبة المهاجرين تصل إلى 14.8% من إجمالي السكان، إلا أن تأثيرها على المجتمع والاقتصاد الأمريكي لا يمكن إنكاره. يتمتع المهاجرون بتنوع كبير، حيث يشكل القادمون من أمريكا اللاتينية وآسيا الأغلبية العظمى منهم، بينما تشكل نسبة المهاجرين من أوروبا وأفريقيا النسبة الأقل.
تظهر هذه الحقائق أهمية المهاجرين في بناء النسيج الاجتماعي والثقافي للولايات المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، يلعب المهاجرون دورًا محوريًا في الاقتصاد الأمريكي من خلال مساهماتهم في مختلف القطاعات. سواء كانوا مؤسسين لأعمال جديدة أو يشغلون مناصب مهمة في المجالات التقنية والصحية والخدمية، فإنهم يساهمون في تعزيز النمو الاقتصادي والابتكار في البلاد.
التنوع الديمغرافي للمهاجرين:
يشكل المهاجرون القادمين من أمريكا اللاتينية وآسيا الغالبية العظمى من المهاجرين في الولايات المتحدة، حيث يمثلون 52% و30% من إجمالي المهاجرين، على التوالي. بينما يشكل المهاجرون من أوروبا حوالي 11.6% ومن أفريقيا حوالي 4.4%. يعكس هذا التنوع تغيرات ديمغرافية كبيرة حدثت على مدى العقود الماضية، حيث كانت الهجرة من أوروبا هي المهيمنة في الماضي، بينما أصبحت الهجرة من أمريكا اللاتينية وآسيا أكثر بروزًا في الوقت الحاضر.
تساهم هذه التحولات الديمغرافية في تشكيل ثقافة متعددة ومتنوعة داخل الولايات المتحدة، حيث يتفاعلون مع السكان الأصليين والمهاجرين الآخرين. يساهم المهاجرون من مختلف الخلفيات في إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، مما يعزز من تفرد المجتمع الأمريكي كبيئة متعددة الثقافات والأعراق.
نمو الناخبين اللاتينيين والآسيويين:
تشهد الولايات المتحدة نموًا مستمرًا في أعداد الناخبين من أصل لاتيني وآسيوي، مما يعكس تأثير المهاجرين في الحياة السياسية. في عام 2012، شكل الناخبون اللاتينيون 11% من إجمالي الناخبين المؤهلين، بينما مثل الناخبون الآسيويون 6%. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسب إلى 15% و8% على التوالي بحلول عام 2024، مما يشير إلى تزايد تأثيرهم على نتائج الانتخابات والسياسات المحلية والوطنية.
هذا النمو يعزز أهمية هذه الفئات في العملية الانتخابية، حيث تتنافس الأحزاب السياسية لجذب أصواتهم من خلال تقديم سياسات وبرامج تعكس احتياجاتهم وتطلعاتهم. كما يعزز من أهمية تمثيل هؤلاء الناخبين في الهيئات الحكومية والسياسية، مما يساهم في تحقيق تنوع أكبر في صنع القرار على جميع المستويات.
5. المهاجرون من مجتمع المثليين والمتحولين جنسياً:
يوجد في الولايات المتحدة أكثر من 904,000 مهاجر من المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً، ويواجه هؤلاء الأفراد تحديات فريدة تتعلق بالاعتراف بحقوقهم وحمايتهم القانونية. من بين هؤلاء، هناك حوالي 30%، أو 267,000، ليس لديهم وثائق إقامة قانونية، مما يزيد من تعرضهم للتمييز والاستغلال.
تتفاقم التحديات التي يواجهها هؤلاء المهاجرون بسبب الوضع القانوني غير المؤكد، والذي يحد من فرصهم في الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية والعمل اللائق. تعمل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني على تعزيز الحماية القانونية لهؤلاء الأفراد والدعوة إلى تحسين سياسات الهجرة لتحقيق العدالة والمساواة لجميع الفئات.
دور المهاجرين في الاقتصاد الأمريكي:
يلعب المهاجرون دورًا حيويًا في تعزيز الاقتصاد الأمريكي، حيث تشير الدراسات إلى أنهم أكثر احتمالًا من المواطنين المولودين في الولايات المتحدة لتأسيس المشاريع التجارية وإدارتها. هذا النشاط الريادي يعزز من الابتكار ويساهم في خلق فرص عمل جديدة، مما يؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
كما يعمل المهاجرون في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك التكنولوجيا، والخدمات الصحية، والضيافة، والزراعة، مما يجعلهم عناصر أساسية في توفير الخدمات والمنتجات في جميع أنحاء البلاد. إن دورهم في الاقتصاد يتجاوز مجرد المساهمة في سوق العمل، ليشمل دفع الضرائب والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية، مما يجعلهم جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الأمريكي.
أعداد المهاجرين غير الموثقين:
تشير التقديرات إلى وجود حوالي 11.2 مليون مهاجر غير موثق في الولايات المتحدة اعتبارًا من عام 2012، وهو عدد يقل عن ذروته التي بلغت 12.2 مليون في عام 2007. يعيش العديد من هؤلاء المهاجرين في أسر مختلطة، حيث يكون بعض أفراد الأسرة لديهم وضع قانوني بينما لا يمتلك البعض الآخر الإقامة القانونية، بما في ذلك 5.5 مليون طفل مولود في الولايات المتحدة.
يشكل وجود هؤلاء المهاجرين تحديًا كبيرًا للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الولايات المتحدة. إذ يتعرضون لمخاطر الترحيل ولا يحصلون على حقوقهم الأساسية، مما يستدعي منظمات المجتمع المدني والحكومة إلى إيجاد حلول توازن بين تحقيق الأمن القومي وحماية حقوق الإنسان.
تأثير برامج العمل المؤقت على الاقتصاد:
من المتوقع أن تساهم برامج العمل المؤقت، مثل برنامج العمل المؤجل (DACA)، في تعزيز الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير. تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة سيزداد بمقدار 230 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، مما سيعزز من الدخل الوطني ويوفر فرص عمل جديدة للأمريكيين.
تعمل هذه البرامج على دمج الأفراد المؤهلين في سوق العمل بشكل قانوني، مما يتيح لهم المشاركة بفعالية في الاقتصاد، وزيادة إيرادات الضرائب، وتحسين المستوى المعيشي لكل من المهاجرين والمجتمع الأمريكي بشكل عام.
مساهمة المهاجرين غير الموثقين في الضرائب:
ساهم المهاجرون غير الموثقين في الولايات المتحدة بمبلغ 11.84 مليار دولار في الضرائب الحكومية والمحلية في عام 2012. ومن المتوقع أن تزيد هذه المساهمة في حال تم تنفيذ توجيهات الإجراءات المؤجلة بشكل كامل، مما سيضيف حوالي 845 مليون دولار إضافية سنويًا للإيرادات الضريبية.
تبرز هذه الأرقام الدور الكبير الذي يلعبه المهاجرون غير الموثقين في دعم الاقتصاد المحلي، رغم عدم حصولهم على العديد من الفوائد والخدمات التي توفرها الحكومة للمواطنين والمقيمين القانونيين. يعزز ذلك الحاجة إلى إيجاد سياسات هجرة عادلة تعترف بمساهماتهم وتوفر لهم سبل الحماية القانونية.
إضافة تعليق جديد